تبدأ حكايتها معه، رسما أحلامًا على أفق شفاف نقيّ لكنّ الأمر انتهى بها تطلق رصاصة رحمة لتنسفه شظايا فقد كان شريك أحلامها شريكًا مترددًا لم يحسن الحلم أو لم يحسن الجهد أو كلاهما معًا. عبرت فجوة الحلم المحطّم محتملة جراحها وآملة في حلم جديد.
مرّ بها الكثيرون بعدها، ورغم أن مرورهم أثناء وجوده كان جارحًا، صار مرورهم شفاءً لجراحها؛ وشفاها أيضًا إدراكها لحجم الأذى الذي لم تكن لتحتمله لو تحققت أحلامها معه. لم يكن تردده لينفعها، لم يكن اهتمامه البالغ بموقف أهله لينفعها، لم تكن مستعدة لتبعات حبه الضئيل القريب للكلام من الأفعال رغم بالغ عنايته -كلامًا- بأن الحبّ أفعال لا كلام حين يكون فعل الكلمة حاجة مطلوبة.
بهذا تنتهي قصته، لتبدأ قصص أخرى لا تشبهها، لكنّها تستحق الرواية، فمن شخص سبق وحاول أن يغويها وأحسنت الظنّ به لكنّها ردته، عاد ليحاول ثانية بعد سنوات طالت، لتكتشف أنه عابث ومع ذلك منتحته فرصته وردته حين لم يثبت لها عكس ما عرفته.
ليأتي آخر ويقول إنها كانت حبّ طفولته، خطبها يومًا ورُفض، تزوج وفشل زواجه فعاد لها يحاول بإصرار، أعطاها إحساسًا جميلًا تعلم أن سببه قد يكون مزيفًا لكنها لا تنكر أنها استفادت منه وأنه ساعدها كثيرًا في حينه، ردّته أيضًا واستمرت تداوي الجراح..
وآخر ردّته لأسباب منها أنها فهمت شدّة شوقه للولد، ولا تستطيع ضمان الولد، ولا العيش في زواج لأجل الأطفال فقط. وافتقدت فيه أشياء أخرى قد لا تهم غيرها للحد الذي يدفعها للرفض لكنّها فعلت..
ثم آخر، ذكّرها جيدًا درسًا تعلمته خلال تجاربها البسيطة هذه كلها، ابتداء بصاحب الأحلام التي لا تتجاوز التمنّي، الرجل ولو كان مأمورًا بالتخيّر في زواجه هو الآخر بنفس القدر الذي أُمرت به المرأة وأهلها، إلا أنه في الواقع ليس الأقدر على اتخاذ القرار الصحيح، المرأة هي التي تهمها تفاصيل حياتها كأسيرة لرجل يملك أمرها ونهيها، بينما الآمر الناهي لا يهمه لو لم يناسبه شيء في البداية، يمكنه الأمر والنهي لاحقًا وكل المجتمع سيلومها لو أخفقت في الطاعة الواجبة عليها وغير الواجبة.
الآخر أعجبته، هي تعرف هذا وتدركه، تدرك أن نواياه كانت جميلة لا غبار عليها، لكنها تدرك أيضًا أنه لم يناسبها في أهم الأشياء، وبقدر ما كان مؤدبًا كان مؤذيًا، وبقدر ما كان رائعًا في أمور، كان مريعًا في أمور أخرى. وأهم الأشياء أن تحدث الراحة، وأن يحسن الآخر فهم ما بين سطور كلامك، قد يفشل في فهم بعضه بالتأكيد فلا أحد يفهم آخرًا بشكل تامّ، لكن ليس إلى حدّ أن يفشل في إدراك مغزى نصف كلامك أو أكثر مهما حاولت الشرح!
ثم مسألة التنازل التي ذكرها والأمر لم يصبح أمرًا يذكر حتى، فكيف يكون التنازل بين غريبين ليصبحا شريكين؟ أمر ترفضه حتمًا! فالقبول هنا كلمة المرور، التنازل كلمة المرور بعد القبول، وليس قبله أبدًا.
هكذا ردته أيضًا... وبين هؤلاء أعلاه قصص أخرى ليس فيها ما يُحكى أو يستفاد منه..
هنا فاصلة،
هي الآن متلهفة لتحل قضية أخرى من قضايا الخطبة، ليست المرة الأولى التي تتلهف فيها للوصول لجواب، لكنّ شعورًا جيدًا يغمرها الآن لا تعرف ماهو.. تخشى من رغبتها في الحلم من جديد أن تجعلها تحلم حلمًا سيئًا بحجم حلمها الأول، وتخشى من خشيتها أن تجعلها تطلق رصاصة الرحمة قبل أن يُرسم على الأفق حلم جديد..!
لم تنته الحكاية، إنها مستمرة...
ثم إنها حكايتي، لا أعرف لماذا بدا ضمير الغائب مناسبًا لحكايتها، ربما لأن صاحب الحلم الأول اغتاله بضمير الغائب في آخر الأيام!
مرّت أشهر طويلة منذ حدثت أمور كثيرة مؤلمة، لا تزال تزعجني أحيانًا، تمامًا كما تزعجك آثار الجرح الكبير الملتئم، وتؤلمك أحيانًا خفيفًا بقدر لا ينسيك الجرح، ولا يؤلمك بما يكفي لتتأوّه فضلًا عن أن تبكي أو تصرخ..
كنت أتهرّب من كتابة الأشياء هنا، ربما هذا بعض ما أعاقني عن التدوين بحماس، لكن عليّ أن لا أهتم بمن سيقرأ وماذا سيفهم، سأكتب وأتنفّس كما أريد..
ملاحظة لرقيّة :
أخذت في الكتابة 50 دقيقة تقريبًا، مع دقائق قليلة من المقاطعات..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.